معلومات عن البابا اندرونيقوس البطريرك السابع و الثلاثين

تنيَّح الأب القديس الأنبا أندرونيقوس بابا الإسكندرية السابع والثلاثون. كان هذا الأب من عائلة عريقة في المجد. وكان ابن عمه رئيسا لديوان الإسكندرية، فتعلم وتهذب ودرس الكتب المقدسة وبرع في معرفة معانيها. ونظرا لعلمه وتقواه وتصدقه علي الفقراء رسموه شماسًا، ثم اتفق الرأي علي اختياره بطريركًا. وان لم يسكن الديارات كما فعل السلف الصالح، وظل في الإسكندرية طوال أيام رئاسته، غير مهتم بسطوة الملكيين. ولكن الجو لم يصفو له لأن الفرس قد غزوا بلاد الشرق وجازوا نهر الفرات، واستولوا علي حلب وإنطاكية وأورشليم وغيرها، وقتلوا وأسروا من المسيحيين عددا كبيرا. ثم استولوا علي مصر وجاءوا إلى الإسكندرية وكان حولها ستمائة دير عامرة بالرهبان فقتلوا من فيها ونهبوها وهدموها. فلما علم سكان الإسكندرية بما فعلوا فتحوا لهم أبواب المدينة ورأي قائد المعسكر في رؤيا الليل من يقول له قد سلمت لك هذه المدينة فلا تخربها، بل اقتل أبطالها لأنهم منافقون. فقبض علي الوالي وقيده. ثم أمر أكابر المدينة أن يخرجوا إليه رجالها من ابن ثماني عشرة سنة إلى خمسين سنة، ليعطي كل واحد عشرين دينارا وبرتبهم جنودا للمدينة. فخرج إليه ثمانون ألف رجل. فكتب أسماءهم ثم قتلهم جميعا بالسيف. وبعد ذلك قصد بجيشه الصعيد فمر في طريقه بمدينة نقيوس وسمع أن في المغائر التي حولها سبعمائة راهب فأرسل من قتلهم. وظل يعمل في القتل والتخريب إلى أن انتصر عليه هرقل وطرده من البلاد. أما الأب البطريرك فإنه سار سيرة فاضلة. وبعد ما أكمل في الرئاسة ست سنين تنيَّح بسلام. صلاته تكون معنا آمين.

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

معلومات إضافية

جلس على الكرسي بعد البابا انسطاسيوس في أمشير 332 ش. وسنة 616 م. في عهد هرقل قيصر. وكان عالِما غنيا جدا، محبا للصدقة، شماسًا في كنيسة الإنجيليين. وكان أهله من مقدمي المدينة. ومن أجل قوة سلطانه لم يقدر الهراطقة أن يخرجوه من الإسكندرية إلى الأديرة، فأذنت له الحكومة بالبقاء في الإسكندرية بغاية ما يكون من الحرية، فجلس في قلاية في بيعة الإنجيليين أيامه كلها. ولذلك عَمَّ السلام أروقة (جنبات) على الكنيسة المصرية طول حياته.

وفي نهاية فترته عرف شخص يدعى بنيامين من دير قنوبوس، وكان بنيامين يتزايد كل يوم في الفضيلة حتى كان وجهه يتلألأ كوجه ملاك، ولكثرة إعجاب معلمه به أخذه ومضى به إلى البابا اندرونيقوس. فلما رأى البابا نعمة السيد المسيح عليه أبقاه لديه، ثم رسمة قسيسا وصَيَّره وكيلا له، وفرح به فرحا عظيمًا. ولما دنت نياحته أوصى أن يكون بعده، ثم تنيَّح البابا اندرونيقوس بعد ما قضى على كرسي البطريركية ست سنين، ورأى اضطهاد الفرس الكريه للمسيحيين، وصبر على ما حل به. وتنيَّح شيخا وهو حافظ الأمانة الأرثوذكسية المستقيمة أمانة آبائه وكانت نياحته في 8 طوبة سنة 338 ش. وسنة 622 م.

سنكسار 16 يناير 2015 . سنكسار 8 طوبه 1731

سنكسار 8 طوبة 1731
عودة رأس القديس مار مرقس الرسول.
اليوم الثامن من شهر طوبه المبارك
في مثل هذا اليوم من سنة 360 للشهداء ( 644م ) تُعيِّد الكنيسة بتذكار عودة رأس القديس مار مرقس الرسول. كانت الرأس المقدسة محفوظة في كنيسة بوكاليا أو دار البقر، فدخل أحد البحارة العرب فوجد تابوتاً توهَّم أن به ذهباً ولما وضع يده داخل التابوت أمسك بالرأس وأخذها ليلاً وأخفاها في السفينة. ولما عزم القائد عمرو بن العاص على المسير أبحَرَت كل السفن ما عدا تلك السفينة التي بها الرأس فأمر القائد بتفتيش السفينة فوجدوا الرأس مخبأة فيها فأخرجوها من السفينة بعدها تحركت السفينة. استدعى القائد البحار فاعترف بجريمته فعاقبه. ثم سأل عمرو عن بابا الأقباط وهو الأنبا بنيامين الثامن والثلاثون وكان مختبئاً بأديرة الصعيد فأرسل له خطاب أمان وطلب منه الحضور. فحضر البابا واستلم منه الرأس المقدس.
بركة القديس مار مرقس الرسول فلتكن معنا. آمين.

سيرة حياة القديس مرقس الرسول

القديس مرقس الرسول

هو أول وأشهر الشهداء في مصر وهو يوحنا الملقب مرقس وينحدر أصله من اليهود الذين كانوا قاطنين بالخمس المدن الغربية المسماة "بنتابوليس" Pentapolis التي كانت تقع في منطقه برقه بشمال أفريقيا. وقد أنشأ اليونان هذه المدن فيما بين القرنين السابع والخامس الميلادي على حدود مصر الشمالية الغربية. وكان ميلاد القديس مرقس في مدينة القيروان التي تقع في إقليم ليبيا بهذه المنطقة. وكان مرقس منذ ولادته ينعم بما كان لأسرته من ثروة كبيرة وأراضي زراعية شاسعة ولذلك تمكن أبواه من أن يهيئا له أفضل سبل التعليم والثقافة. فأتقن اللغتين اليونانية واللاتينية، كما أتقن اللغة العبرية وتعمق في دراسة كتب التوراة والناموس اليهودي. غير أن بعض القبائل المتبربرة من البدو هجمت على أسرة مرقس في القيروان وهبتها -وكان ذلك في عهد الإمبراطور الروماني أغسطس قيصر- فاضطرت هذه الأسرة الكريمة إلى الهجرة، ومن ثم نزحت إلى فلسطين موطن أجدادها الأولين. وكانت قد استقرت هناك حين بدأ السيد المسيح ينادي ببشارته، وبذلك أتيح للقديس مرقس في حداثته أن يري السيد المسيح ويؤمن به ويصبح من تلاميذه. وكذلك تبعته أم مرقس واستضافته في بيتها. وصارت من النسوة اللاتي يخدمنه، كما كان بيتها هو أول كنيسة مسيحية في العالم، ولذلك كانت لهذه السيدة مكانه عظيمة بين المسيحيين الأوائل. وفي بيتها تناول السيد المسيح عشاءه الأخير مع تلاميذه عشية صلبه. وفيه كان يجتمع التلاميذ بعد قيامه السيد المسيح، حيث دخل عليهم وأظهر لهم نفسه. وفي هذا البيت حل الروح القدس عليهم. وحين خرج بطرس من السجن الذي وضعه فيه هيرودس مُزْمِعًا أن يقتله بسبب تبشيره بالمسيحية. ذهب بطرس مباشرة إلى ذلك البيت. والراجح أن مرقس هو الشاب الذي تبع ليلة تسليمه، إذ يقول في الإنجيل الذي يحمل اسمه:" وكان يتبعه شاب يلف جسده العاري بإزار فأمسكوه، فترك الإزار وهرب عاريًا" (مر 14: 51، 52).

وقد بدأ القديس مرقس كرازته مع بطرس الرسول في منطقة اليهودية، وفي جبل لبنان، وفي بيت عنيا، وفي مناطق من سوريا ولا سيما أنطاكيا حتى سنة 45 ميلادية – ثم كرز مع القديس بولس وبرنابا في رحلتهما الأولى في قبرص وفي باخوس، حتى إذا وصلوا إلى "برجه بمفيلية" تركهما هناك وعاد إلى أورشليم سنة 51 ميلادية. ثم ظهر في إنطاكية مرة أخرى بعد مجمع أورشليم واشترك مع القديسين. وبولس في تأسيس كنيسة روما. وبعد ذلك قصد القديس مرقس وحده إلى مسقط رأسه في شمال أفريقيا حيث بشر الخمس مدن الغربية وهي القيروان، وبرينيكي وبرقه وارسينوي وابولونيا.

وكانت هذه المدن في ذلك الحين تحت حكم الرومان، وكان شعبها خليطا من اليونايين والليبيين والرومان واليهود وكانت ذات عبادات وثنية وثقافة يونانية. وقد وصل القديس مرقس إلى هذه البلاد في نحو سنة 58 ميلادية. وهناك واظب على التبشير، وكانت تجري على يديه كثير من المعجزات، مما جذب إليه كثيرين من المؤمنين فيقول ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونيين في كتابه "تاريخ البطاركة" فلما عاد القديس مرقس من روما قصد إلى الخمس مدن أولًا، وبشر في جميع أنحاءها بكلام الله، واظهر عجائب كثيرة، حتى أنه أبرأ المرضي وطهر البرص وأخرج الشياطين، بنعمة الله الحالة فيه فآمن بالسيد المسيح كثيرون وكسروا أصنامهم التي كانوا يعبدونها وعمدهم باسم الآب والابن والروح القدس. وبعد أن قضي مرقس الرسول يبشر في الخمس المدن الغربية نحو تسع سنوات واتجه بعد ذلك إلى الإسكندرية سنة 61 ميلادي وكانت هي عاصمة مصر في ذلك الحين، كما كانت العاصمة الثقافية للعالم كله – وكانت مدرسة الإسكندرية الفلسفية الشهيرة هي مركز العلم والفلسفة في كل الإمبراطورية الرومانية. وقد كانت تزدحم بعدد عظيم من كبار العلماء كما كانت تزدحم مكتبتها الشهيرة بمئات الآلاف من الكتب النادرة والمخطوطات المتعمقة في كل العلوم، وكانت تلك المدينة الضخمة حينذاك تضم نحو مليون شخص من المصريين والرومان واليونان واليهود والفرس والأحباش وغير ذلك من الأجناس التي تعتنق عددا لا يحصي من ديانات الأمم مختلفة. وقد وقف مرقس وحيدًا أمام كل هذه الديانات والفلسفات يتأهب لأن يصارعها جميعًا وأن ينتصر عليها كلها.

وقد كان قدوم مرقس الرسول إلى الإسكندرية في الغالب عن طريق الواحات، ثم الصعيد ثم تقدم شمالًا نحو بابليون ويقال أنه في هذه الفترة كتب إنجيله باللغة اليونانية ثم غادر بابليون إلى الإسكندرية، وهو لا يفتأ يجول مبشرا في الطرقات – وكان حذاؤه قد تمزق فمال علي إسكافي في المدينة يدعي انيانيوس ليصلحه. وفيما الإسكافي يفعل ذلك دخل المِخراز في يده فأدماها، فصرخ قائلًا "ايس ثيئوس" أي "يا الله الواحد" فانتهز القديس مرقس هذه الفرصة واخذ يده فشفاها، ثم راح يبشر ه بذلك الإله الواحد الذي هتف باسمه وهو لا يعرفه، فآمن الإسكافي بكلامه ودعاه إلى بيته، وجمع له أقاربه وأصحابه فبشرهم بالمسيح وعمدهم فكانوا هم باكورة المؤمنين في مصر كلها.

فلما رأي الوثنيين بوادر نجاح الرسول في بشارته حنقوا عليه وراحوا يتربصون به الدوائر ليفتكوا به ولكنه واصل أداء رسالته غير عابئ بما يدبرون، فأقام إنيانوس أسقفًا، ورسم معه قسوسًا وشمامسة، وشيد أول كنيسة بالإسكندرية في الجهة الشرقية منها عرفت باسم "بوكاليا" وبذلك ازداد عدد المؤمنين زيادة كبري في وقت وجيز. وفي ذلك يقول المؤرخ السكندري يوسابيوس الشهير "كان جمهور المؤمنين الذين اجتمعوا هناك في البداية من الكثرة حتى أن الفيلسوف اليهودي فيلون وجده أمرًا جديرًا بالاهتمام أن يصف جهادهم واجتماعاتهم وتعزياتهم وكل طرق معيشتهم ويقول الأب شينو في كتابه "قديسو مصر" إن الحياة التي تدعوا إلى الإعجاب في مصر بعد الإيمان جعلت الفيلسوف اليهودي الشهير فيلون يؤكد فيما بعد أن الإسكندرية أعادت إلينا ذكر الأيام الأولى التي كانت لكنيسة أورشليم.

وقد أسس القديس مرقس بالإسكندرية مدرسة لاهوتية لتتصدي لتعاليم المدرسة الوثنية التي كانت هي الخلفية الطبيعية لمدرسة أثينا وكان يقوم بالتدريس فيها أكبر الفلاسفة الوثنيين في ذلك الحين.

وقد أقام مرقس الرسول القديس يسطس أول رئيس للمدرسة اللاهوتية، هو الذي صار فيما بعد سادس بابا للإسكندرية.

كما أن القديس مرقس وضع القداس الإلهي للصلوات الكنسية وهو المعروف بالقداس المرقسي والكيرلسي نظرا لان البابا كيرلس الأول هو الذي دونه بعد أن كان رجال الكنيسة يتسلمونه بعضهم من بعض شفهيا. فلما رأى الوثنيين بوادر نجاح الرسول في بشارته اشتد حنقهم عليه وراحوا يتربصون به ليقتلوه. ولكنه واصل أداء رسالته غير عابئ بما يدبرون ثم اعتزم أن يترك مصر بعض الوقت ويعود ليفتقد أولاده من المؤمنين في الخمس مدن الغربية ثم مضي منها إلى أفسس حيث تقابل مع القديس تيموثاوس، ثم اتجه إلى روما تلبية لدعوة القديس بولس الرسول، وبقي معه هناك حتى استشهاده في سنة 68م، وبعد ذلك عاد إلى مصر واستأنف فيها عمل الكرازة وقد كان عدد المؤمنين لا يفتأ يتزايد تزايدا عظيما. فلما كثر عدد المؤمنين وتوطدت دعائم الكنيسة التي أسسها تغلغل الحقد في قلوب الوثنيين عليه واضمروا الغدر به، حتى إذا كان عيد القيامة المجيد في 26 ابريل سنة 68م الذي يوافق 30 برمودة بالتقويم المصري القديم وكان المسيحيون يحتفلون بهذا العيد في كنيسة بوكاليا وقد تصادف أن كان ذلك اليوم هو نفسه يوم الاحتفال بعيد الإله الوثني، وقد تدفقت جموع الوثنيين للاحتفال بهذا العيد، فلما علموا أن القديس مرقس يحتفل بعيد القيامة في الكنيسة مع شعبه حتى اندفعوا إلى الكنيسة في جموع ساخطة وهجموا على القديس ووضعوا حبلا في عنقه وألقوه على الأرض وراحوا يسحلونه في طرقات المدينة وساحاتها وهو لا يفتأ يرتطم بالأحجار والصخور حتى تناثر لحمه ونزف دمه واستمروا يفعلون به هكذا طوال النهار، حتى إذا خيم الليل ألقوا به في السجن. وفي ظلام ذلك السجن ظهر له السيد المسيح في نور عظيم وشجعه وقواه وهو يخاطبه قائلًا (يا شهيدي الأمين) واعدا إياه بفردوس النعيم، ولذلك أصبح لقب القديس مرقس المعروف به في طقوس الكنيسة وصلواتها هو (ثيورديموس) أي (ناظر الإله) ثم في فجر اليوم التالي عاد الوثنيين إلى القديس مرة أخرى، وربطوا عنقه أيضًا بحبل غليظ، ثم راحوا يسحلونه كذلك في كل طرقات الإسكندرية حتى اسلم الروح. على أن موت القديس لم يهدئ من ثائرة الوثنيين وحقدهم فاعتزموا حرق جثته بعد موته إمعانا في التنكيل به والتشفي منه وبالفعل جمعوا كومه عظيمة من الحطب واعدوا نارا للمحرقة، غير أنه حدث في اللحظة التي أوشكوا فيها أن يلقوا الجسد في النار أن هبت عاصفة مصحوبة بمطر غزير فانطفأت النار وتفرق الشعب وعندئذ أسرع جماعة من المؤمنين فأخذوا الجسد وحملوه إلى كنيسة (بوكاليا) ووضعوه في تابوت ثم صلي عليه خليفته القديس إنيانوس مع الإكليروس والشعب ودفنوه في قبر نحتوه في الجانب الشرقي من الكنيسة أطلقوا عليها اسم كنيسة القديس مرقس، وتحتفل الكنيسة القبطية في كل الأنحاء بذكري استشهاد القديس يوم 30 برمودة من كل عام وقد كان استشهاده في الثامنة والخمسون من عمره.

وقد ظل جسد القديس مرقس في تابوته حتى سنة 644م في كنيسة بوكاليا بالإسكندرية، وكانت تطل على الميناء الشرقي للمدينة. فلما وقع الانشقاق العقيدي في مجمع خلقدونية سنة 450 م. تعرضت الكنيسة القبطية التي تؤمن بالطبيعة الواحدة والمشيئة الواحدة للسيد المسيح لاضطهاد عنيف من أصحاب بدعه الطبيعتين والمشيئتين الذين أطلق عليهم لقب الملكيين لأنهم اعتنقوا مذهب الملك الروماني واستولي أولئك الملكيون على الكنائس القبطية ومنها كنيسة القديس مرقس بالإسكندرية وبداخلها جسد القديس وظلت تحت سيطرتهم حتى سنة 644 م. وفي هذه السنة التي تم فيها الفتح العربي لمصر بقياده عمرو بن العاص، حاول أحد البحارة سرقة رأس القديس بعد أن فصلها عن الجسد وخبأها في سفينة معتقدًا أنها تخص رجلًا عظيمًا ولكن حين تحرك أسطول عمرو بن العاص وخرج كله من الميناء حدث أن السفينة التي تحمل رأس القديس ثبتت في مكانها ولم تشأ أن تتحرك علي الرغم من كل ما بذله البحارة من المحاولات، فأدركوا أن في الأمر سرا ومن ثم أصدر عمرو بن العاص أمره بتفتيش السفينة. فلما أخرجوا الرأس تحركت السفينة على الفور. فاستحضر عمرو بحار السفينة واستجوبه، فلما علم أنه سرق هذا الرأس من الكنيسة استدعى القديس بطرس بطريرك الأقباط وسلمه الرأس كما وهبه عشرة آلاف دينار لبناء كنيسة لصاحب هذا الرأس الذي له كل هذه الكرامة. وبالفعل تم بناء الكنيسة بالإسكندرية وهي المعروفة بالمعلقة بالقرب من المسلة الأثرية، وقد استقر الرأس فيها حتى القرن السادس، بينما كان جسد القديس مرقس راقدًا في كنيسة بوكاليا التي كانت لا تزال تحت سلطان الرومان الملكيين وقد ظل الجسد في هذه الكنيسة حتى حدث في نحو عام 815 م. وبعدها بسنوات قليلة أن احتال بعض البحارة من أهل البندقية وسرقوه ونقلوه إلى مدينتهم حيث ظل بها واهتم حاكم البندقية جستنيان ببناء هيكل فخم جميل ووضع فيه الجسد، غير أن هذا الهيكل احترق سنة 977م. فجدد عمارته الدوق بطرس ارسيلوا، ثم أقيمت للجسد كنيسة تعتبر من أضخم وأفخم كنائس العالم وهي كنيسة القديس مرقس بالبندقية وقد بدأ في بناءها سنة 1052 م. ولم يتم بناؤها إلا في القرن الثامن عشر للميلاد وقد تباري في بنائها وزخرفتها أعظم واقدر مهندسي وفناني العالم فخرجت تحفه بديعة رائعة. أما رأس القديس مرقس فقد ذكرنا أن البابا بنيامين الثامن والثلاثين بدأ في بناء كنيسة لتوضع فيها الرأس. غير أن الرومان بدأوا يحاولون الاستيلاء على الرأس أيضًا. حتى أخذها الأقباط المؤمنين وخبأها في دير القديس مكاريوس ببريه شيهيت حوالي سنة 1013م. ثم في خلال القرن الحادي عشر وحتى القرن الرابع عشر تتابع نقل رأس القديس إلى كثير من بيوت أغنياء الأقباط لإخفائها عن الولاة العرب الذين كانوا لا يفتأون يفتشون عنها ليقسروا على دفع مبالغ ضخمة لاستعادتها فكانوا لا يعلمون أن رأس القديس موجودة بأحد بيوت سراة الأقباط حتى يقبضوا عليه ويضربوه ويهينوه ويفرضوا عليه مبلغًا فاحشًا من المال فإذا اضطر إلى دفعه تركوا الرأس له وإذا رفض وعجز نكلوا به وأوثقوه والقوة في السجن وقد تكرر هذا مرارًا كثيرة، وحتى تم أخيرًا بناء مدفن خاص لرأس القديس في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية في القرن الثامن عشر ووضع فيه داخل صندوق من الرخام. وذلك منذ أيام البابا بطرس السادس.

و قد ظل جسد القديس مرقس راقدًا في كاتدرائيته العظمى في البندقية منذ سنة 828 م. حتى طلب البابا كيرلس السادس بطريرك الأقباط الأرثوذكس من بابا روما إعادة الجسد إلى موطنة الأصلي في مصر وكان ذلك بمناسبة الاحتفال بمرور تسعة عشر قرنًا على استشهاد القديس، وكذلك بمناسبة تأسيس الكاتدرائية المرقسية الكبرى بأرض الأنبا رويس بالعباسية بالقاهرة لتكون مقرًا للجسد المقدس وفي يوم 24 يونيو سنة 1968 ميلادية عاد الوفد الذي أوفده البابا كيرلس السادس لإعادة الجثمان إلى مصر، ومعه أعضاء البعثة التي أوفدها بابا روما يحملون الرفات المقدس. وكانت في هذه الأثناء أجراس الكنائس تدق في القاهرة كلها ابتهاجًا بهذه المناسبة الرائعة.

ثم في الساعة السادسة من صباح يوم الأربعاء 26 يونيه سنة 1968م بدأ الاحتفال الديني الطقسي بافتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة بدير الأنبا رويس بالعباسية بالقاهرة، فجاء قداسة البابا كيرلس السادس بسيارته يحمل صندوق رفات القديس مرقس الرسول من الكاتدرائية المرقسية بالأزبكية التي ظل موضوعًا بها منذ ثلاثة أيام وتقدم الموكب يحف به المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة إلى أن صعد البابا إلى الكاتدرائية الجديدة، ووضع الصندوق بكل إجلال على مائدة خاصة في شرقية الهيكل، وبدأت مراسم القداس الحبري الحافل الذي خدمه قداسة البابا كيرلس السادس واشترك معه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد من المطارنة الأقباط والأثيوبيين والسريان والهنود الأرمن الأرثوذكس، وحضرة الإمبراطور هيلاسلاسى الأول إمبراطور أثيوبيا والكاردينال دوفال رئيس البعثة البابوية الرومانية وكثير من رؤساء الأديان والمطارنة والأساقفة ورجال الدين من مختلف بلاد العالم ونحو عشرة آلاف من الشعب وما أن انتهى القداس حتى نزل البابا كيرلس يحمل الرفات ومعه الإمبراطور وبطريرك السريان الأرثوذكس ورؤساء الكنائس في موكب كبير واتجه إلى مزار القديس مرقس الذي كان قد سبق إعداده تحت المذبح الرئيسى للكاتدرائية وأوضع الصندوق المزخرف في القبر الرخامي وغطس بلوحة رخامية كبيرة وسط الترتيل والأناشيد. وقد اشتهر القديس مرقس الذي أسس كنيسة الإسكندرية بلقب ظل يطلق علية على مدى التاريخ القبطي كله وهذا اللقب هو "كاروز الديار المصرية ورئيس بطاركة كرسي الإسكندرية العظمى".

و قد اشتهر أسم القديس مرقس على مدى التاريخ المسيحي والقبطي فأصبح يطلق بعده على كثير من البطاركة والأساقفة والكهنة والرهبان والكنائس باعتباره هو كاروز الديار المصرية ومؤسسها.

أ- فمن بطاركة الأقباط الأرثوذكس أطلق اسم هذا القديس على سبعة منهم وهم البابا مرقس الثاني البابا 49 - البابا مرقس الثالث البابا 73 - البابا مرقس الرابع البابا 84 - البابا مرقس الخامس البابا 98 - البابا مرقس السادس البابا 101 - البابا مرقس السابع 106 - البابا مرقس الثامن 108.

ب- أما الأساقفة الذين أطلق عليهم اسم القديس مرقس فكانوا كثيرين جدًا، لم يخل منهم عهد ومكان ومن أمثلة ذلك انه عندما قام البابا بنيامين وهو الثاني والثمانون بصنع الميرون شاركه في ذلك اثنا عشر أسقفًا كان منهم أربعة باسم مرقس. وفي عهد البابا ديمتريوس الثاني (111) كان وكيل الكرازة المرقسية وهو الأنبا مرقس مطران البحيرة. كما كان يوجد بهذا الاسم الأنبا مرقس مطران أبو تيج. ويوجد حاليًا نيافة الأنبا مرقس الأسقف الأرثوذكسي لمرسيليا وطولون بفرنسا، إلخ..

ج- أما الكهنة والرهبان والنساك الذين يحملون اسم القديس مرقس فعددهم عظيم جدًا يصعب حصره. وقد بنيت كنائس كثيرة في أنحاء مصر باسم القديس مرقس فأندثر بعضها وبقيت آثار البعض الآخر.

من أقاصي الأرض خرج منطقهم وإلى أقصى المسكونة بلغت أقوالهم.

عظات قانون الإيمان - أبونا داؤد لمعى

عظات قانون الإيمان

أبونا داؤد لمعى


الإيمان


قانون الإيمان - أبونا داؤد لمعى


اسئلة فى قانون الايمان.mp3

تاملات فى قانون الايمان.mp3

قانون الايمان ( الهرطقات و المجامع).mp3



تصميمات للقديس باسيليوس الكبير رئيس اساقفة قيصرية الكبادوك


تصميمات للقديس باسيليوس الكبير

رئيس اساقفة قيصرية الكبادوك
https://picasaweb.google.com/103531402878757982959/vxQqEL#slideshow/6062359722450864354

 
 
 
ولد في قيصرية الكبادوك عام 329 من أسرة تضم عددًا من الشهداء سواء من جانب والده أو والدته. فوالد باسيليوس كان يدعى أيضًا باسيليوس احتملت والدته القديسة ماكرينا (جدة باسيليوس) أتعابًا كثيرة في أيام مكسيميانوس الثاني بسبب تمسكها بالإيمان، وقد بقيت حياتها نموذجًا حيًا للحياة الإيمانية الفاضلة والشهادة للسيد المسيح، أما والدته إميليا فقد مات والدها شهيدًا.
كان باسيليوس أحد عشرة أطفال، خمسة بنين وخمس بنات، كان هو أكبر البنين، وقد مات أخ له في طفولته المبكرة وآخر في شبابه (نقراطيوس)، بينما سيم الثلاثة الآخرين أساقفة: باسيليوس أسقف قيصرية الكبادوك، غريغوريوس أسقف نيصص، وبطرس أسقف سبسطية، أما أكبر الكل فهي ماكرينا على اسم جدتها التي كان لها دورها الحيّ بحياتها التعبدية وأثرها الطيب على إخوتها.
تربى القديس باسيليوس على يديّ جدته ماكرينا في قرية بالقرب من قيصرية الجديدة في منطقة أنيسي Annesi على نهر الأيرس Eris (حاليًا أرماك أو جيكيل). في هذه المنطقة شّيدت أمه أماليا هيكلًا على اسم الأربعين شهيدًا الذين استشهدوا في سبسطية؛ كما تأثر القديس بوالده وأيضًا بأخته الكبرى.
أُرسل في سن مبكرة إلى مدرسة قيصرية كبادوكية، وهناك تعّرف على أشخاصٍ من بينهم القديس غريغوريوس النزينزي، وقد لفتت شخصيته أنظار الكثيرين وهو بعد صبي لنبوغه وسلوكه.
انتقل إلى القسطنطينية حيث درس البيان والفلسفة، ثم ارتحل بعد خمس سنوات (سنة 351 م) إلى أثينا ليكمل دراسته، إذ أمضى قرابة خمسة أعوام هناك، حيث كان قد سبقه إليها صديقه غريغوريوس النزينزي. وقد سجل لنا الأخير الكثير عن القديس باسيليوس، مظهرًا كيف سبقته شهرته إلى أثينا، وكان الشباب ينتظرونه ويودون صداقته. عاش القديسان في مدينة أثينا كروحٍ واحدة في جسدين، يقدمان لنا فصلًا رائعًا في تاريخ الآباء.
هناك التقيا بيوليانوس الذي صار فيما بعد إمبراطورًا يجحد الإيمان ويضطهده.
أحب باسيليوس كل العلوم دون أن تفتر حرارته الروحية، فحُسب كمن هو متخصص في الفصاحة والبيان والفلسفة والفلك والهندسة والطب، لكن سموّه العقلي يتضاءل جدًا أمام التهاب قلبه بالروح ونقاوة سيرته.

عودته إلى وطنه:
عاد عام 356 إلى وطنه بعد محاولات فاشلة من أصدقائه وتلاميذه بأثينا لاستبقائه، وفي قيصرية الكبادوك اشتغل بتدريس البيان لمدة عامين تقريبًا بنجاحٍ عظيمٍ. أرسلت قيصرية الجديدة وفدًا لتستميله بإغراءات سخية أن يقوم بالتدريس فيها لكنه رفض. ومع هذا فيبدو أن شهرته وكلمات المديح المستمرة أثرت عليه ففترت نيته في الحياة النسكية لولا تدخل أخته التقية ماكرينا لتكشف له عن بطلان مجد هذا العالم.
في سنة 357 نال المعمودية، وبعد قليل أُقيم أغنسطسًا (قارئًا) على يدّي ديانيوس أسقف قيصرية، فحزن القديس غريغوريوس النزينزي على هذه السيامة المتسرعة.

حياته النسكية:
أفاق باسيليوس على صوت أخته ماكرينا فاشتاق إلى حياة الوحدة، خاصة وأن والدته وأخته حولتا بيتهما إلى منسكٍ اجتذب عذارى من كبرى العائلات في كبادوكية.
نحو سنه 358 م. إذ كان دون الثلاثين، انطلق يبحث عن النساك في الإسكندرية وصعيد مصر وفلسطين وسوريا وما بين النهرين، فأُعجب جدًا بحياتهم، خاصة رهبان مصر وفلسطين، فعاد ليبيع كل ما يخصه ويوزعه على الفقراء، ويبحث عن مكانٍ للوحدة. اختار موقعًا في بنطس تسمى "إيبورا" على نهر الأيرس يقترب من منسك والدته وأخته، عُرف بجمال الطبيعة مع السكون. كتب عن الحياة الجديدة هكذا: "ماذا أكثر غبطة من مشابهة الملائكة على الأرض؟ في بدء النهار ينهض الإنسان للصلاة وتسبيح الخالق بالتراتيل والأغاني الروحية، ومع شروق الشمس يبدأ العمل مصحوبًا بالصلاة أينما ذهب، مملحًا كل عملٍ بالتسبيح. إن سكون الوحدة هو بدء تنقية النفس، وبالفعل إن لم يضطرب عقل الإنسان لأي شيء، ولم يتشتت عن طريق الحواس في أمور العالم، يرتدّ إلى ذاته، ويرتفع إلى التفكير في الله".
كان صارمًا في نسكه، حتى أضنى جسده، يمزج النسك بدراسة الكتاب المقدس والعبادة، فاجتمع حوله نساك من بنطس وكبادوكية. ويعتبر هو أول من أسس جماعات نسكية من الجنسين في جميع أنحاء بنطس، وإن كان ليس أول من أدخل الرهبنة هناك.

في ميدان الخدمة العامة:
إذ سمع باسيليوس أن ديانيوس أسقف قيصرية قبل قانون إيمان أريوسي يدعى أريميني Ariminum، ترك خلوته ومضى إلى الأسقف يكشف له عن زلته، فقبل الأسقف قانون الإيمان النيقوي الذي يؤُكد وحدانية الابن مع الآب، وكان على فراش الموت، وبانتقاله خلفه أوسابيوس.
تحت تأثير غريغوريوس النزينزي ذهب باسيليوس إلى أوسابيوس الذي سامه قسًا سنة 364 م. بعد تمنعٍ شديدٍ، وهناك كتب كتبه ضد أونوميوس الذي حمل فكرًا أريوسيًا، إذ أنكر أن الإبن واحد مع الآب في الجوهر، وإنما يحمل قوة من الآب لكي يخلق، وأن الإبن خلق الروح القدس كأداة في يده لتقديس النفوس.
اشتهر القديس باسيليوس جدًا وتعلقت القلوب به، الأمر الذي أثار الغيرة في قلب أسقفه فأدت إلى القطيعة ثم إلى عودته إلى خلوته مع القديس غريغوريوس ليتفرغا للكتابة ضد الإمبراطور يوليانوس الجاحد الذي أصيب بنكسة هيلينية.
إذ ارتقى فالنس العرش حاول بكل سلطته أن ينشر الفكر الأريوسي، فطالب الشعب بعودة باسيليوس، أما أوسابيوس فاكتفى بدعوة غريغوريوس الذي رفض الحضور بدون باسيليوس. إذ كتب للأسقف: "أتكرمني بينما تهينه؟ إن هذا يعني أنك تربت عليّ بيدٍ وتلطمني بالأخرى. صدقني، إذ عاملته بلطف كما يستحق فسيكون لك فخر". وبالفعل عاد الاثنان، فصار باسيليوس سندًا للأسقف وصديقًا وفيًا له خاصة في شيخوخته.
في هذه الفترة أيضًا اهتم برعاية المحتاجين والمرضى، وقد شيّد مؤسسة دُعيت بعد ذلك باسيلياد Basiliad، أُقيمت في ضواحي قيصرية لعلاج المرضى واستقبال الغرباء والمحتاجين، على منوالها ظهرت مؤسسات في مناطق قروية أخرى في الأقاليم كل منها تحت إشراف خوري أبسكوبس.
سنه 368 م. ظهرت مجاعة اجتاحت الإقليم، فباع ما ورثه عن والدته ووزعه، كما قدم الأغنياء له بسخاء فكان يخدم الفقراء بنفسه.

سيامته رئيس أساقفة:
في حوالي منتصف سنة 370 م. توفي أوسابيوس، فأرسل باسيليوس الذي كان هو المدبر الفعلي للإيبارشية إلى القديس غريغوريوس النزينزي بحجة اعتلال صحته، وكان قصده أن يرشحه للأسقفية، وإذ بدأ رحلته نحو باسيليوس أدرك حقيقة الموقف فقطع رحلته وعاد إلى نزنيزا، وأخبر والده غريغوريوس (والد غريغوريوس النزينزي) بالأمر، فقام الوالد بدورٍ رئيسي لتيار باسيليوس، إذ بعث برسائلٍ إلى الأساقفة الذين لهم حق الانتخاب كما إلى الكهنة والرهبان والشعب، وجاء بنفسه محمولًا بسبب شيخوخته وشدة مرضه ليدلي بصوته ويشترك في سيامته عام 370 م.
كان لسيامته آثار مختلفة فقد تهلل البابا أثناسيوس وأرسل يهنيء كبادوكية بسيامته، كما فرح كل الأرثوذكس، أما الإمبراطور فالنس الأريوسي فحسب ذلك صدمة خطيرة له وللأريوسية.

الصعاب التي واجهته:
1. رفض فريق من الأساقفة الاشتراك في سيامته، لكنهم بعد سيامته تحولوا عن عدائهم الظاهر إلى المقاومة الخفية، غير أنه تغلب عليهم في سنوات قليلة بالحزم الممتزج بالعطف.
2. صممت حكومة الإمبراطور على تقسيم كبادوكية إلى إقليمين لإضعاف مدينة قيصرية، وبالتالي الحدّ من سلطة القديس باسيليوس، وقد أُختيرت مدينة تيانا عاصمة للإقليم الثاني، وطالب أسقفها أنتيموس بتقسيم كنسي يتبع التقسيم الإداري. وإذ كانت تتمتع تيانا بذات امتيازات قيصرية، الأمر الذي سبب نزاعًا بينه وبين باسيليوس، اضطر الأخير إلى سيامة مجموعة من الأساقفة لمساندته، منهم أخوه غريغوريوس أسقف نيصص، وقد سبق لنا الحديث عن مقاومة الأريوسيون له، وغريغوريوس صديقه على سازيما، الذي اضطر إلى الاعتزال منها لاستيلاء أسقف تيانا عليها، وأيضًا سام أسقفًا في دورا طُرد منها.
3. لم يمضِ على سيامته سنة حتى دخل في صدامٍ علنيٍ مع الإمبراطور فالنس الأريوسي الذي كان يجتاز آسيا الصغرى مصممًا على ملاشاة الإيمان الأرثوذكسي وإحلال الأريوسية محله، وقد انهار بعض الأساقفة أمامه، أما باسيليوس فلم يتأثر بحاشية الإمبراطور التي هددته بالقتل. أرسل الإمبراطور فالنس مودستس حاكم برايتوريوم ليخيره بين العزل أو الاشتراك مع الأريوسية فلم يذعن له، بل وحينما دخل الإمبراطور الكنيسة في يوم عيد الظهور الإلهي لسنة 372 م. وشاهد الكنيسة تسبح بصوتٍ ملائكيٍ سماوي حاول أن يُقدم تقدمة فلم يتقدم أحد لاستلامها لأنه هرطوقي، وكاد يسقط لولا معاونة أحد الكهنة له، أخيرًا تراءف عليه القديس وقبلها من يده المرتعشة، وقد حاول أن يظهر كصديق للقديس باسيليوس.

محاولة نفيه:
بالرغم من الوفاق الظاهري بين الإمبراطور والقديس فإن رفض الأخير قبول الأريوسيين في شركة الكنيسة أدى إلى اقتناع الإمبراطور أن نفي القديس ضروري لسلام الشرق. إذ أُعدت المركبة لرحيله ليلًا بعيدًا عن الأنظار مرض غلاطس بن فالنس فجأة، فأصرت أمه دومينيكا أن يبقى القديس وطلب الإمبراطور من الأسقف أن يصلي لوحيده ليشفى، فاشترط أن يكون عماده بيدٍ أرثوذكسية، وبالفعل شُفيّ لكنه حنث بوعده إذ عمده أسقف أريوسي فمات في نفس اليوم.
مرة أخرى استسلم الإمبراطور لضغط الأريوسيين، وإذ كان يكتب أمر النفي قُصف القلم أكثر من مرة في يده المرتعشة فخاف.
بجانب هذا تعرض لإهانات كثيرة من الحكام الإقليميين، منهم مودستس عدوه القديم، لكنه إذ أصيب بمرض خطير صلى له القديس فشُفيّ وصار من أقرب أصدقائه، وهكذا كانت يدَّ الله تسنده لتحول أعداءه إلى أحباء.

السنوات الأخيرة:
لازم المرض القديس منذ طفولته، وكان يشتد عليه خاصة في السنوات الأخيرة. كما عانى من نياحة كثير من أصدقائه المساندين له مثل القديس أثناسيوس الرسولي (عام 373 م.) والقديس غريغوريوس (والد غريغوريوس النزينزي) عام 374 م.، كما نفيّ أوسابيوس الساموساطي. وقد وجد الأريوسيون فرصتهم للتنكيل بالقديس غريغوريوس أسقف نيصص بعقد مجمع في أنقرا لإدانته وكان الهدف منه جرح مشاعر أخيه.
في 9 أغسطس 378 جُرح فالنس في معركة أدريانوبل ليموت ويحتل غراتيان الكرسي لتنتهي الأريوسية، وكان باسيليوس على فراش الموت فنال تعزية وسلامًا من جهة الكنيسة في لحظاته الأخيرة.

نياحته:
في سن الخامسة والأربعين دعي نفسه "عجوزًا"، وفي السنة التالية خلع كل أسنانه، وبعد سنتين في أول يناير سنة 379 م. سُمع يخاطب الله، قائلًا: "بين يديك أستودع روحي" وفي الحال أسلم الروح، وقد اشترك الكل مسيحيون ووثنيون في جنازته الرهيبة.

كتابات:
1. العقيدة: خمسة كتب ضد أنوميوس، كتاب عن الروح القدس في 30 فصلًا.
2. التفسيرية: الأكسيمارس Hexameron، أي ستة أيام الخليقة في 9 مقالات، 17 مقالًا عن المزامير، تفسير الـ 16 أصحاحًا الأولى لسفر إشعياء.
3. مقالات: 24 مقالًا في مواضيع عقيدية وأدبية ومديح.
4. الرسائل: حوالي 400 رسالة في مواضيع متنوعة تاريخية وعقيدية وأدبية تعليمية وتفسيرية وقوانين، ورسائل تعزية.
5. توجد 3 قداسات باسمه، إحداهم تستخدمه الكنيسة القبطية (وهو القداس الباسيلي).
6. النسكية: القوانين الطويلة والقصيرة (الشائعة والمختصرة)؛ مقالتان عن دينونة الله، والإيمان؛ والأخلاقيات Moralia.
العيد يوم 14 يونيو.
اللغة القبطية: pi`agioc Bacilioc.
* يُكتب أيضًا: القديس باسيل، باسليوس الكبير.