من روائع كتب الآباء الرسوليون ++ القمص تادرس يعقوب
كتاب الراعي لهرماس أخو بيبوس الأول أسقف روما (١٤٠-١٥٠ م.)
الامثال العشرة من كتاب الراعي لهرماس
جاءت الخمسة أمثال الأولى من نوع الوصايا.
المثل الأول: التغرّب
إنكم تعلمون يا عبيد الله أنكم تقطنون أرضًا غريبة، وأن بلدكم بعيد جدًا وليس ههنا... فلماذا تقتنون الأراضي الشاسعة والقصور والأبنية والمساكن ما دمتم تعرّفون أن المدينة التي ستستوطنونها ليست هنا؟!
من يهيئ نفسه لهذه الحياة يصعب عليه أن يعود إلى مدينته الحقيقيّة .
المثل الثاني: الكرمة وشجرة الدردار (محبّة الفقراء).
الكرمة تشبه الغني والدردار يشبه الفقير؛ الكرمة إن تركت على الأرض لا تحمل ثمرًا كثيرًا، لكنها إذا تسلّقت شجرة الدردار تعطي ثمرًا كثيرًا؛ هكذا يجب أن يتلازم الغني مع الفقير. الغني يستنزف ثروته اهتمامه من خدمة الله، لكن انشغاله بالفقير يحقّق له ثمرًا متزايدًا لدى الرب.
المثل الثالث: الأشجار العارية في الشتاء
المثل الرابع: تمييز الأشجار في الصيف
الأشجار التي تراها هم سكان هذا العالم... لأن الصدّيقين والخطاة لا يتميّزون في هذا العالم بل جميعهم يتشابهون. هذا العالم بالنسبة للصدّيقين هو بمثابة الشتاء، ولا يتميّزون عن الخطاة الذين يسكنون معهم. ففي الشتاء تفتقد الأشجار أوراقها وتصبح متشابهة تمامًا، ويصعب التمييز بين الأشجار الميّتة والأشجار الحيّة.
كما أن ثمار الأشجار تظهر في الصيف، وتعرف كل شجرة من ثمارها، كذلك سيُعرف الصدّيقون المثقّلون بأوراق تعطي ظلًا من ثمارهم. أمّا الوثنيّون والخطاة الذين ترمز لهم الأشجار اليابسة، فسيظهرون في الدهر الآتي على حالتهم. يابسين عقيمين، ويُلقى بهم في النار كالخشب اليابس، لأن أعمالهم كانت شرّيرة.
المثل الخامس: مفهوم الصوم الحقيقي
اسمع. فإن الله لا يريد صومًا باطلًا كهذا الصوم؛ إن صمت هكذا فأنت لا تعمل شيئًا للبرّ. صُم للرب هكذا: لا تصنع الشر، واخدم بقلب نقي، واحفظ وصايا الله، وسر حسب أوامره، ولا تترك للشهوة الشرّيرة منفذًا في قلبك، وثق بالله، فإن فعلت هذا، وخشيت الله، تكون قد صمت صومًا عظيمًا مقبولًا لدى الله.
يركّز الراعي في وصيّته على الحياة الداخليّة، مقدّما مثلًا لذلك: إنسان سلَّم حقله لعبده الأمين ولم يوصه إلاَّ بتسييجه، وإذ سيّج العبد الحقل رأى الحقل مملوءًا أشواكًا فقام بتنقيته والاهتمام بفلاحته. عاد صاحب الكرم وفرح بما صنعه عبده، وكرَّمه أمام ابنه الحبيب وكل مستشاريه وأصدقائه، قائلًا لهم ان هذا العبد صنع بكامل حريته أكثر ممّا أمره به، لذلك يجعله وارثًا مع ابنه الحبيب، وبعد أيام صنع سيّده عشاءً وأرسل الكثير من الأطعمة للعبد الأمين، فاحتفظ بقدر حاجته ووزّع الباقي على رفقائه العبيد... سمع السيّد فصمّم بالأكثر أن يجعله وارثًا.
تحدّث أيضًا عن الطهارة: احفظ جسدك طاهرًا بلا دنس حتى ينال شهادة الروح القدس الساكن فيه.
الأربعة أمثال التالية (٦-٩) تعالج بشيء من التفصيل موضوع التوبة، بينما في المثال الأخير (١٠) يعود فيظهر البرج مرّة أخرى، ويعلّم ملاك التوبة هرماس أن ينقّي عائلته من كل شر، وأن ينصح كل أحد بالتوبة.
المثل السادس: حوار بين ملاك الشهوة والخداع وملاك العقاب في ثوبي راعيّين
أخذه ملاك التوبة إلى الحقل ليرى راعيّي الأغنام:
الراعي الأول: هو ملاك الشهوة والخداع في شكل شابٍ يرتدي لباسًا أصفر، وجّهه يشع فرحًا لأن قطيعًا كبيرًا يقفز متهلّلًا من مكان إلى آخر ليحيا في الشهوة، هؤلاء هم الذين انفصلّوا عن الله نهائيًا، وتركوا حياتهم في أيدي شهوات العالم، وأهانوا اسم الله دون توبة، ونصيبهم هو الموت. ويوجد في قطيعه أيضًا خراف في نفس المكان تلهوا ولا تتهلّل؛ هؤلاء هم الغارقون في الشهوة لكنّهم لا يهينون الله، وقد بقي فيهم رجاء التوبة. هم فساد لكنّهم بالتوبة يخلّصون من الموت الأبدي.
الراعي الثاني: هو ملاك العقاب، طويل القامة، وحشي الهيئة، يلبس عباءة بيضاء من جلد الماعز، وعلى كتفيه جرابًا، وفي يدي عصى ثقيلة معقّدة وسوط كبير. يستلم ملاك العقاب من الراعي الشاب الخراف الغارقة دون أن تتهلّل، ويضعها في مكان منحدر مملوء بالأشواك والعلّيق، وكان الراعي يضربها بقسوة، الأمر الذي أثار شفقة هرماس جدًا عليها.
قال له ملاك التوبة: عندما تحلّ بهم المحن الكثيرة تصير لهم آلامهم مدرسه لثقافتهم، فيتّقدون في الإيمان، ويصرفون بقيّة أيامهم يخدمون الله بقلبٍ نقي، وإذا ما تابوا يتذكّرون الأعمال الرديئة التي ارتكبوها، ويعرفون إنّها هي التي سبّبت لهم ما أصابهم وما نالوه من عقابٍ عادلٍ من الله، وينجحون في كل مشاريعهم التي يقدمون عليها دون أن يمسّهم ضرر.
المثل السابع: هرماس يتألّم بسبب خطايا عائلته
مرمرت عائلته ملاك العقاب أو الملاك الديّان... وإذ تابت من كل قلبها طلب هرماس من الملاك أن يعفيه من الضيق، وإن كان ملاك التوبة طلب منه أن يحمل صليبه باختياره.
يقول ملاك التوبة: يجب على التائب أن يفرض الألم على نفسه، وأن يكون متواضعًا في أعماله، وأن يحتمل آلامًا متعدّدة، فإن احتمل بصبرٍ ما يصيبه من آلام، يتراءف خالق الكون به، ويشفيه من كل شروره، لأنّه يعرف مكنونات القلوب، ويتطلّع إليه، ويفحص نقاوته .(مثل٧: ٤-٥).
المثل الثامن: شجرة الصفصاف وعمل النعمة
أراه الراعي شجرة صفصاف كانت تظلل سهولًا وجبالًا، وقد اجتمع تحتها كل الذين دعوا باسم المسيح. وكان ملاك الرب العظيم بقامته الفارعة يقف تحت الشجرة وفي يدي منجل، وكان يقطع به أغصانًا، ويوزّعها على الجمع المحتشد تحت ظلالها. وكانت الأغصان صغيرة لا تتجاوز طول الشبر. وبعد أن استلم الجميع أغصانه وضع ملاك الرب المنجل جانبًا، وظهر الشجرة كأنّها لم تمس.
شجرة الصفصاف -كما قال ملاك التوبة- هي الناموس أو ابن الله، ربّما قصد بها كلمة الله أو الوصيّة المكتوبة، أو كلمة الله المتجسّد، فإن كل مؤمن بالكلمة المتجسّد يكون كمن تمتّع بغصن، ويلتزم أن يبقى أمينًا في إيمانهم بالحياة الإنجيليّة الحيّة.
وملاك الرب العظيم هو رئيس الملائكة ميخائيل، الموكل إليه حفظ إيمان الكنيسة.
جاء وقت استلام الأغصان وفحصها بدقّة، فماذا وجد؟
1. أُعطي لمن كانت أغصانه يانعة ومثمرة أكاليل كأنّها مصنوعة من أغصان النخيل على رؤوسهم وأُدخلوا في البرج، هؤلاء هم الذين صارعوا الشيطان وغلبوه، وتحمّلوا الموت من أجل الوصيّة فتمتّعوا بإكليل النصرة.
2. الذين قدّموا أغصانه يانعة دون ثمر أرسلهم إلى البرج بعد ختمهم بخاتم، وهناك صاروا يلبسون ثيابًا بيضاء كالثلج، هؤلاء هم الذين طبقوا الناموس وتحمّلوا اضطهادات ولم ينكروا اسم المسيح.
3. سلّم الملاك العظيم لملاك التوبة بقيّة الجموع ثم غادر المكان، وصار ملاك التوبة يفحص أغصانه فوجدها هكذا:
ب. البعض يابسة دون أن ينخرها السوس.
ب. البعض نصف يابسة (المتردّدون الذين هم ليسوا أحياء ولا أموات).
ج. البعض نصف يابسة ومشقّقة (المتردّدون النمامون).
د.البعض نصف خضراء مشقّقة (مؤمنون لكنّهم يطلبون المجد الباطل).
هـ. البعض نصف خضراء ونصف يابسة (المنغمسون في الزمنيّات).
و. البعض خضراء بثلثيها والثلث الباقي يابس (الذين أنكروا الإيمان أحيانًا وأعلنوه أحيانًا).
ز. البعض يابسة بثلثيها والثلث الباقي أخضر (الذين بعد قبولهم الإيمان عادوا إلى طريق الأمم).
ح. البعض خضراء كلّها إلاَّ القليل من أطرافها (المؤمنون الذين سقطوا عن ضعف).
ط. البعض يابسة كلّها إلاَّ قليل من طرفها أخضر (المؤمنون الذين يصنعون الإثم لكنّهم يفتخرون باسم الله ويستقبلون خدام الله بفرح).
أخذ ملاك التوبة من الناس الأغصان وزرعها في الأرض مترجّيًا أن تعود إليها الحياة بالتوبة، وصار يسقيها، لأن الخالق يريد الحياة لكل من تسلّم غصنًا من هذه الأغصان.
جاءت الجماعات مصطفّة حسب ترتيب تسليمهم الأغصان، وعاد يفحص الأغصان، البعض عادت إليها الخضرة، والأخرى أكلها السوس؛ البعض صار بها براعم ثمر والأخرى بقيت عقيمة...
سأل هرماس: لماذا لم يتب الجميع؟ فأجابه ملاك التوبة: يعطي الله روح التوبة للقلوب التي تنتقي وتتطهّر، أمّا الخبيثة فتكون توبتها مرائيّة، ولن يعطيّها روح التوبة، لئلا تهين اسمه.
المثل التاسع: الكنيسة كبرج عجيب
قاد ملاك التوبة هرماس إلى جبل أركاديا، وهو جبل لولبي، وأجلسه فوق القمة، وأراه سهلًا عظيمًا تحيطه دائرة من اثنى عشر جبلًا، ولكل جبل شكل خاص به. هذه الجبال تمثّل اثنى عشر سبطًا يقطنون كل العالم، كرز لهم الرسل بابن الله، أي تشير إلى الكنائس المحليّة المنتشرة في العالم، لها ثقافاتها الخاصة وطقوسها الخاصة، لذا ظهرت الجبال مختلفة الشكل، التي ربّما تشير إلى المؤمنين الذين بينهم من هم أمناء ومنهم من هم غير أمناء.
1. جبل أسود (المؤمنون الذين جدَّفوا على الرب وخانوا خدامه).
2. جبل عارٍ لا عشب فيه (المراءون ومعلّموا الفساد).
3. جبل مليء بالأشواك والعُلّيق (الأغنياء المرتبكون بهموم العالم).
4. جبل نصفه مملوء عشبًا؛ وكانت رؤوس الأعشاب خضراء، والقسم القريب من الجذور يابسًا، وكانت الحرارة تُيبّس بعض الأعشاب (المرتدون الذين يشهدون للرب بأفواههم أمّا قلوبهم فبعيدة عنه).
5. جبل معشب ووعر (المؤمنون العصاة المعجبين بأنفسهم كمعلّمين).
6. جبل مليء بالحفر الصغيرة والكبيرة، فيها عشب ذابل (الحاقدون).
7. جبل مليء بالأعشاب النضرة، ترعى فيها الحيوانات فيزداد نضارة وبهاءً (البسطاء الراضين عن خدام الله المملوءين رحمة وحبًا).
8. جبل مليء بالينابيع تشرب منها مخلوقات الله (الرسل والمعلّمون).
9. جبل بدون ماء، فيه زحافات ميّتة (الشمامسة السالبين ما لله).
10. جبل فيه أشجار كبيرة تستظل تحتها قطعان الغنم (الأساقفة الأمناء).
11. جبل مُغطى بغابة كثيفة من الأشجار المثمرة شهيّة (المتألّمون لأجل الله).
12. جبل أبيض يبعث في النفس بهجة وعذوبة (المؤمنون البسطاء كأطفالٍ أبرياء).
هذه صورة الشعب المسيحي بين الأمم، منهم من هم مثل جبل أسود ومنها ما هو أبيض؛ منها ما يحمل ثمار الروح الشهيّة ومنها ما هو عقيم؛ منها ما بها ينابيع نعمة الله المُروية للنفوس، ومنها ما يقتله الجفاف الروحي... الخ.
أراه أيضًا صخرة بيضاء كانت تقوم مرتفعة في وسط السهل، وكانت الصخرة أعلى من الجبال ومربّعة، تستطيع أن تسع العالم؛ كانت الصخرة قديمة وبابها محفور في أحد جوانبها، وقد ظهر له الباب محفورًا حفرًا حديثًا. كانت الصخرة أكثر لمعانًا من الشمس حتى أن أشعتها أثارت إعجابه. الصخرة القديمة هي ابن الله الأزلي، صخر الدهور الذي يسع العالم كلّه ككنيسة مقدّسة يحملها بذراعيه، أمّا الباب الجديد فيشير إلى تجسّده، به ندخل إليه وننعم بخلاصه ونحيا في ملكوته.
كان حول الباب اثنتا عشر عذراء: أربعة منهنّ، وهنّ أجملهنّ، كن يقمن عند الزوايا، أمّا الباقيات فكنّ يقفن بين كل زاويتين، اثنتين اثنتين، وكنّ يلبسن لباسًا من الكتّان، ويأتزرن مآزر جميلة، وكانت أكتافهنّ عارية كأنّها أُعدّت لحمل شيء ما، وكن يقفن مستعدّات فرحات.
العذارى الواقفات عند الزاويّة هن: الإيمان والعفّة والقوّة وطول الأناة؛ أمّا الواقفات بينهن فهن: البساطة والبراءة والنقاوة والصفاء والحقيقة والفطنة والتصافي والمحبة. من حمل هذه الأسماء مع اسم ابن الله يمكنه أن يدخل ملكوت السموات.
كان المشهد مثيرًا ورائعًا، ومحيرًا، فقد رأى العذارى الناعمات اللواتي يقفن بنعومتهنّ وقفة رجوليّة كأنّهن يتهيّأن ليحملن السماء كلّها (٩:٢: ٥) هكذا تتمتّع نفس المؤمن الحقيقي برقّة شديدة ولطف زائد، فتكون كمجموعة من العذارى الجميلات الرقيقات، لكنها تحمل قوّة وتسلك بحزم وفي نضع كمن يحمل السماء عينها! إنّها تحمل صورة ابن الله وسماته الوديع كل الوداعة ليجتذب الخطاة بحبّه اللانهائي، حازًا ضدّ الشر، يقتل إبليس ويهدم سلطاته.
رأى أيضًا ستّة رجال مقبلين بقامتهم الطويلة ومشيتهم الرصينة وهيئتهم المتشابهة، وقد استدعوا عددًا من الناس طوال القامة مشرقي الطلعة أقوياء، وأمرهم الستّة أن يبنوا فوق الصخرة وفوق الباب برجًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. هؤلاء الرجال هم الملائكة المحيطون بابن الله، ثلاثة عن اليمين وثلاثة عن اليسار، يحثّون المؤمنين للعمل الكنسي، لبناء كنيسة الله على الإيمان بالمسيح الصخرة والباب.
كانت العذارى يطلبن من الرجال أن يسرعوا لبناء البرج، وكن يمددن أيديهن لمن يردن أن يتسلّمن شيئًا.
بناء على أمر الرجال الستّة اقتلع الرجال عشرة حجارة مربّعة برّاقة غير منحوتة، استلمتها العذارى، وحملن إيّاها إلى الرجال الذين أوكل إليهم ببناء البرج. هذه الحجارة استخرجت من أعماق البحر، وتعاونت العذارى معًا على حملهن حجرًا حجرًا. هذه الحجارة هي الجيل الأول من المؤمنين الذين كانوا يُحملون من البحر كمن يُنتزعون من الطبيعة الميّتة، ويدخلون بالإيمان بابن الله مع سلوكهم الحياة المقدّسة الجديدة (العذارى) إلى بناء ملكوت الله الروحي أي إلى الكنيسة.
كان بناء البرج يتم فوق الصخرة وفوق الباب، وقد تغطت الحجارة كلّها بتلاحمها معًا فوق الصخرة التي صارت أساسًا للبرج... وبعد الحجارة العشرة استخرج من الأعماق خمسة وعشرون حجرًا دخلت في البناء كما حدث مع العشرة حجارة؛ ثم خمسه وثلاثون ثم أربعون، وهكذا أصبح أساس البرج مؤلفًا من أربعه صفوف. توقف استخراج الحجارة من الأعماق، وتوقّف البناؤون قليلًا عن البناء، ثم أمر الرجال الستّة جموع الفعلة بجلب الحجارة للبناء من الجبال. فانطلقوا يحملون حجارة مختلفة الألوان، وكانوا ينحتونها ويسلّمونها للعذارى اللواتي كن ينقلنها من الباب ويسلّمنها لبناء البرج. وعندما كانت هذه الحجارة توضع في مكانها من البناء تفقد ألوانها وتصبح كلّها بيضاء. إنّها تمثّل الكنيسة التي تصبح قلبًا واحدًا نقيًا وبهيًا في المسيح يسوع.
الحجارة التي لم تتسلّمها العذارى لم تدخل من الباب ولم تكن ملائمة للبناء، بلا بهاء، ولم يتغيّر لونها إلى الأبيض الناصع.
توقّف العمل قليلًا وبقيت العذارى حارسات البرج حتى يأتي صاحب البرج، فقبلته العذارى وديرن (مش من غير ي وتشكّل) معه حول البرج. صار يفحص البرج بدقّة متحسّسًا كل حجر، وكان يضرب بعضها بعصا في يده، فكان بعضها يسوَّد والبعض يتفتّت أو يتشقّق أو يُبتر، وظهر البعض ليس باللون الأبيض ولا أسود، وظهر حجارة إنّها خشنة لا تصلح للبناء والبعض ملطّخًا... هذه حجارة لا تصلح للبناء، نُزعت عن البرج واستُبدلت بغيرها، أتوا بها لا من الجبال بل من سهلٍ مجاور. حفروا السهل فعثروا على حجارة لامعة مكعّبة وبعضها مستدير. هؤلاء هم الأغنياء الذين عاشوا حياة سهلة لكنّهم لم يتركوا الإيمان ولم يخرج من فمهم كلمة بطّالة، إذ نُزع عنهم حب الغنى صاروا حجارة حيّة لامعة في بيت الرب...
بعض الحجارة الكرويّة احتاجت إلى نحتها لتوضع في البناء. وهكذا نرى صاحب البرج يشتاق أن يستخدم كل حجر في البناء، لكن الحجارة التي لا تستجيب تُرذل، ويُلقى بها بعيدًا عن البرج...
جاء ملاك التوبة بعد يومين لتنظيف المكان خارج البرج، فكان يلقي كل حجر لا يدخل في البناء بعدما يبذل كل الجهد لتسليم كل حجر للعذارى الست حتى المفتت والمشقّق لعلّه يصلح في البناء.
المثل العاشر: ينبّه ملاك العقاب هرماس وعائلته بالتوبة، معلنًا أن العذارى فرحات بوجودهنّ عنده، وأنّه ينصحهنّ ألاَّ يتركن بيت هرماس فقبلت العذارى النصيحة فرحات